فلبي متكبر بقلم سارة نيل
المحتويات
فأخرجته من جيبها وأجابت بهدوء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم تكن سوى عفاف زوجة خالها التي قالت
أنا راكبة التاكسي وقربت منك انتظريني برا
أردفت لها رفقة بود
متقلقيش يا طنط عفاف أنا منتظراك برا
تحركت رفقة بعيدا عن يعقوب بعد أن قالت بلطف
بعد إذنك هنتظر مرات خالو
الحمد لله إن لحقت أرد عليها قبل ما تخلص شحن
ولم تلبس إلا يسيرا وقبل أن يجيبها يعقوب كانت سيارة أجرة تقترب من رفقة حتى توقفت أمامها تحت نظرات يعقوب الدقيقة جدا
قالت عفاف بلطف مصطنع بينما ملامح وجهها تنضح شړا وكرها تجاه رفقة
لا يعلم يعقوب لماذا انقبض قلبه عندما وقعت أنظاره على تلك السيدة والذي أيقن من النظرة الأولى لوجهها أنها تضمر شړا لرفقة وقد كان واضحا جدا من طريقتها في النظر إليها
بقى يعقوب ينظر لأثر السيارة بشرود ولا يعلم ما الذي انتابه رفع كفه يقبض على قلبه ليهمس بقلق
هو أنا ليه قلبي مقبوض كدا!!!
شقة جميلة تشبهك يا رفقة يارب تكون وش السعد عليك
وأكملت تقول بأسف مصطنع
معلش يا بنتي شيرين عن دكتور الأسنان ولازم أكون معاها هضطر أسيبك بعد ما أطمنت عليك وإن شاء الله هرجعلك تاني
تساءلت رفقة ببعض القلق
أجابت الأخرى بكذب
بينا وبين بعض شارعين بس يا حبيبتي متقلقيش
أهدتها رفقة إبتسامة جميلة وقالت
شكرا جدا يا طنط عفاف وألف سلامة على شيرين أبقي سلميلي عليها
ضحكت عفاف بشماته وقالت وهي تخرج مسرعة وكأنها تتخلص من حمل ثقيل يقبع فوق أكتافها
الله يسلمك يا رفقة
طب أنا دلوقتي هتعرف على الشقة إزاي !!
تقدري تعمليها لواحدك يا رفقة يا قمر إنت بس أهم حاجة ألاقي العصاية بتاعتي
وتحركت وهي تقول
يا ترى طنط عفاف حطتها فين
اصتدمت ساقها بقوة في شيء صلب لتسقط پألم شديد إتكأت تجلس وهي تدلك موضع الألم استقامت مرة ثانية تقف بتيهة والظلام فقط يحاوطها تحركت بضع خطوات لتتعثر بأحد المقاعد وتسقط مرة أخرى پألم ويسقط المقعد الثقيل فوق ساعدها
ظلت تدلك ساعدها پألم فقد تركت تلك الصدمة كدمة زرقاء فوق ذراعها بالتأكيد لم تراها رفقة
سقطت فوق ركبتيها بعجز لا تعلم بأي ركن هي من المنزل لا تعلم كيف تعود للباب الرئيسي لتطلب المساعدة
لكن من من ستطلب وكيف تأمن!!!
عجز تام تشعر به
مضت ساعات وحل الليل وهي تجلس بنفس البقعة بمكان غريب لا تعلم كيف تصل حتى للمرحاض !!
يا ترى الشقة دي شكلها أيه
تحسست الأرضية لتجدها مليئة بالغبار تنهدت بحزن لتهمس
أعمل أيه يارب ساعدني إنت الحنان وأنا
العاجزة وإنت القادر
استقامت وواصلت تحسسها حتى وقع كفها على مقبض باب أدارته بسعادة وولجت للداخل لتكتشف بأنها غرفة نوم عندما وصلت للفراش
قالت رفقة بإختناق
ياااه الدنيا كاتمة أووي هنا أما أشوف أي بلكونة ولا شباك هنا
وظلت تبحث بترقب حتى وجدت باب الشرفة ابتسمت وهي تقول بسعادة
دي أحلى حاجة بقاا بحب البلكونات أووي وهتلاقي الجو دلوقتي أيه جميل
افتحها أشم شوية هواا ومرات خالو قالت إن الشقة في الدور الخامس يعني الجو هيكون لطيف في البلكونة
ظلت تحاول فتحها لتجدها مغلقة بشدة والكثير من المسامير معكوفة ومثنية على فتحة الباب
حماسها لم يجعلها تتراجع وظلت تبعد كل مسمار على حدة وحركت المزلاق لتنجح أخيرا بفتحها ليقابلها موجة هواء شديدة جعلتها تضحك بسعادة وخطت خطوة للخارج جاهلة أن الشرفة دون جدار ولا يحفها سور وإن مدت قديمها خطوتين ستهوي أرضا من الطابق الخامس
تعرفوا أيه عن رفقة
سؤال ألقاه يعقوب بنفاذ صبر لكلا من عبد الرحمن وآلاء الماثلان أمامه واللذان تفاجئا من صراحته
هتف عبد الرحمن يتسائل بمكر
ليه !!
صاح يعقوب ببوادر ڠضب
ما تخلص يا عبد الرحمن وبلاش الأسلوب ده معايا والبرود ده أنا على أخري
قال عبد الرحمن بتهكم
سلامة أخرك يا يعقوب باشا بس أنا معرفش حاجة عن آنسة رفقة ألا إنها من رواد المطعم من فترة طويلة جدا
وجه يعقوب أنظاره لألاء وقال بصوت صلب والظنون تفتك به
قولي إللي تعرفيه يا آنسة آلاء وياريت تكوني عارفة عنوان بيتها
احتفظت آلاء بهدوءها وأردفت بقوة وشجاعة
لما أعرف حضرتك عايز أيه من رفقة يعني أعرف النية خير ولا لأ
رمقه عبد الرحمن پشماتة ورمق آلاء بتقدير على ما فعلت ليجعلوا يعقوب على شفا حافة الجنون والڠضب ألقى أحد المزهريات التي أمامه على طول ذراعه واستقام صارخا بسخط من بين أسنانه
مش محتاج أبرر لحد تصرفاتي ومش عايز أعرف منكم حاجة أنا هعرف كل حاجة بطريقتي
وخرج وهالة من الڠضب تحاوطه والأرض ترتج من أسفل أقدامه
ركب سيارته بملامح وجه متشنجة وانطلق نحو منزله وبداخله عزم للوصول إليها والتخلص من تلك القبضة التي تحيط قلبه
وقبل أن يصل لقصر آل بدران ارتفع صوت رنين هاتفه أخرجه وهو يزفر ليجد المتصل كريم اليد اليمنى للبيبة بدران
لوى ثغره وهو يجيب بضجر
خير يا كريم!!
أتى صوت كريم من الجهة الأخرى متوتر بعض الشيء
بصراحة كنت عايز أقولك على حاجة يا يعقوب بس أنا عارف إن دي خېانة للبيبة هانم بس مقدرتش أعمل كدا
ضيق يعقوب عينيه وقال بتساؤل مهتم
اتكلم عالطول يا كريم أيه إللي حصل !!
بصراحة يا يعقوب لبيبة هانم طلبت مني أوصل كل تحركات لها كل حاجة إنت بتعملها علاقاتك وشغلك بتقابل مين وبتعمل أيه
وأي حاجة جديدة في حياتك وأي تفصيلة تكون عندها بصراحة أنا مش قادر أعمل كدا
مقدرش أخون ثقتك إنت كمان بعد المعروف إللي عملته معايا وبالذات لو وصلت الأخبار إللي عرفتها للهانم الأخبار إللي تخص رفقة البنت مش حمل لبيبة بدران ولا حمل عمايلها
اشټعل صدر يعقوب بالڠضب وعاصفة عڼيفة ضړبت جدران قلبه وقد تحفزت كل خلية من خلايا جسده وقدح الڠضب من عينيه وهو يقبض بشدة على المقود حتى ابيضت مفاصله أردف ببطء كلمات محذرة كانت تنفث سعيرا بوجه مقطب
إياك يا كريم إياك حروف اسم رفقة تذكرها قدام لبيبة اقسم برب العباد يا كريم لأكون مخلص عليك لا لبيبة ولا إنت لسه تعرفوا يعقوب يقدر يعمل أيه
أنا لسه محتفظ بهدوئي بس لو الموضوع وصل لها هحرق الكل ومش هيهمني لا غالي ولا عزيز ساعتها أقسم برب العزة هتشوفوا وش متعرفهوش أبدا مفهوم
جأر بالكلمة الأخيرة بوجه محتقن نافر العروق ليسمع صوت كريم يقول بعتاب
عيب يا يعقوب أمال أنا اتصلت بيك ليه أنا بنبهك تاخد حذرك واتأكد إن لبيبة هانم مش هتعرف أي حاجة تخص الموضوع ده أبدا
أردف يعقوب بنبرة متأججة بڼار مستعرة
وأنا مش هسمح بغير كدا أصلا أتجوزها الأول بس وتبقى في حمايتي وتحت عيني وأنا ساعتها لا يهمني لبيبة ولا غيرها هواجه بيها العالم كله
وأغلق الهاتف وأكمل طريقه ليكون بعد دقائق أمام أبواب القصر الذي لا ينتمي إليه البتة
أخذ يضربه بنظرات ناقمة وولج للداخل بخطوات مشټعلة
يعقوب فينك دا كله بقالنا كتير بنتصل بيك موبايلك مقفول !
استدار يعقوب برأسه يرميه بنظرات باردة مقطب ما بين حاجبيه ثم أردف بلامبالاة صريحة
أيوا ما أنا حاظر أسماءكم كلكم
شحب وجه يامن شقيق يعقوب الأصغر وسرعان ما قال بإستياء
أنا مش عارف ليه كل تصرفاتك دي يا يعقوب باشا دا كله علشان إللي عملته تيتا وإن بابا وماما مكانوش معاك ما دا كله لمصلحتك وليك بلاش أنانية وانسى بقا وخلينا نعيش أسرة واحدة
اكتفى يعقوب بأن يرميه بنظرة ڼارية مشمئزة ثم أزاحه من طريقه ببرود وحدة وأكمل سيره نحو الأعلى لكنه توقف على قول يامن
مش تسلم على الضيوف الأول قبل ما تحبس نفسك دي لبيبة هانم عزماهم مخصوص علشان خاطرك ومش بطلت إتصال بيك أحرجتها أووي قدام ضيوفها وهي على أخرها
لم يلقي بالا لحديثه وأوشك أن يكمل طريقه لكنه توقف حين رأى جدته بصحبة فتاة ما ورجل الأعمال فاضل زكريا علم على الفور من تكون الفتاة
أغمض أعينه بمعنى لا فائدة وألم فمازالت جدته تصدق بأنه مازال سجينها ألا تعلم أن السجان يتمرد ويتجبر
قالت لبيبة بهدوء وهي تنتصب في وقفتها بشموخ تتكأ على عصاها
أهو يعقوب وصل سلم على فاضل بيه وبنته الآنسة غادة يا يعقوب
قلب يعقوب عينيه والټفت يصافح الرجل بوقار وقال باقتضاب
أهلا وسهلا نورت يا فاضل بيه
بادله فاضل بود وأردف
أهلا بيك يا يعقوب يا ابني دا البيت منور بأهله
تدخلت لبيبة تقول بوقارها المعتاد
زي ما قولتلك يا فاضل يعقوب أكيد كان عنده شغله علشان كدا اتأخر في الرجوع
تسائل فاضل وهو يقول
شكلك حريف شغل يا يعقوب إنت استلمت الشركات بتاعة آل بدران
وقبل أن تجيب لبيبة بالإيجاب أسرع يعقوب يردف بحسم وتحدي
لأ ومش هستلمها علشان عندي شغلي الخاص
ناطحته لبيبة بنظرات قاټلة يتدحرج منها ڠضب أعمى من تصرفاته التي أصبحت تضيق بها ذرعا ليفجر يعقوب قنبلته بوجهها وهو يقول ببرود وبشبه إبتسامة باردة لم تصل لعينيه
طب أنا بستأذنكم علشان هطلع أنام وبأكد تاني البيت بيتكم يا فاضل بيه
وصعد تحت نظرات فاضل المصډوم وابنته ولبيبة التي قبضت على عصاها پغضب ڼاري لتدارك الموقف بقولها الجامد الذي لا يلين حتى وإن كانت هي الطرف الخاطئ فمن يتمنى أن يصاهر آل بدران ويزوج ابنته بالوريث الأول لآل بدران هو بالتأكيد الطرف الرابح وعليه أن يتحمل عواقب هذا الربح
أكيد الفرص جايه كتير وهنتقابل وهيكون في فرصة تجتمعوا مع يعقوب وغادة تقعد معاه ويتعرفوا
إن كنت تنتظر من لبيبة بدران أن تقدم إعتذار فدعني أخبرك بأنه سحقا لأحلام البسطاء عزيزي فحروف الإعتذار لم تمر يوما على لسان تلك المتعجرفة لبيبة بدران!!
شعر فاضل بالإهانة وكظم غيظه فبالمقابل هذا الزواج وتلك المصاهرة ستعود عليه بالكثير بل بالكثير جدا والذي لا يحلم به فيكفي أن يرتبط اسمه بآل بدران
في الأعلى بداخل غرفة يعقوب وقف خلف الشرفة يتأمل السماء بنظرات شاردة ويتنهد تنهيدات ثقيلة لا يعلم لماذا تلك القبضة تقبع على قلبه !!
الټفت ينظر لشاشة حاسوبه المحمول المنير بصورة رفقة المبتسمة أغمض عينيه وهو يشعر بالضعف وهمس بداخله وهو ينظر للسماء
أنا أول مرة أطلب منك طلب بترجاك تحفظها وتفتحلي الطريق لها وتقولي أعمل أيه !!
وليه أنا قلبي مقبوض كدا!!!
لم يشعر حينها يعقوب بتلك الأعين المتلصصة والتي وقعت على شاشة الحاسوب بتعجب شديد وصدمة وتسائل اخترق أذنه وأخرجه من شروده
يعقوب مين البنت دي !
بقلمسارة نيل
وقفت رفقة وكادت أن تتحرك لكنها شعرت بشيء أثار ريبتها ثمة تيار هواء بارد يصطدم بأقدامها من الأسفل
كيف هذا!
جلست ببطء
متابعة القراءة