فلبي متكبر بقلم سارة نيل

موقع أيام نيوز

نهال معها 
بعد دقيقة ولجت نهال المسرعة بلهفة نحوها تهمس بحماس 
رفقة رفقة يعقوب برا تعال عايزك 
اضطرب قلبها وشعرت بنبضاتها تتعالى بشكل جديد لا تألفه همست بتوتر 
طب هو مقالش عايزني ليه وكدا !!
ابتسمت نهال على خجلها وأردفت بمرح 
عريس يا ست رقرق وهيقولي ليه يعني بس جايب حاجة كدا معاه متحمسة أعرف هي أيه يلا يا بت قومي كلمي جوزك أقصد إللي هيبقى جوزك بكرا 
لكزتها رفقة تردف بخجل 
بطلي يا نهال دا إنت فظيعة إنت كدا بتكسفيني بجد 
طب يلا يا أخت المكسوفة الراجل برا مستني وأظن عيب نسيبه كدا وهو واقف والباب مفتوح والله جنتل أووي وذوق ومحترم 
نهاااااال افصلي 
سكتنا يا ست رقرق محدش هيعرف يكلمك بقاا يلا يلا تعالي نطلع 
خرجت بصحبة نهال تشعر بالخجل والتوتر وتختبر تلك المشاعر العذرية للمرة الأولى 
رفع يعقوب وجهه الذي ينبثق منه مشاعر السعادة والارتياح للمرة الأولى بعد الشقاء والقيود الذي عان منها كل تلك السنوات الثقال وأخيرا يشعر بالحرية فتقع أعينه فوق وجهها الذي أضاء بشعاع من الطهر والنقاء كان كفيل بأن يبدد ظلمته لأخر نقطة 
تأملها بدون تصديق وجهها النقي الذي تلطخه حمرة الورد برداء الصلاة الأبيض المزركش بالزهور تأتي على استحياء مضطربة خافضة الرأس حتى وقفت أمامه إنها جائزة صبره حقا يعقوب الأسير يستحق كل هذا النقاء والطهر 
وزادت هي الأمر سوءا على صبره حين ابتسمت برقة غير مصطنعة وخجل وهمست 
نعم نهال قالت إنك عايزيني 
ابتلع ريقه وهمس يعقوب بتلقائية وهو يترجم عن قلبه 
وسط حياة مليئة بالقيود كنت أنت الشعاع الذي انبثق ودك جميع العقد 
ارتفعت وتيرة أنفاسها ورددت بعدم فهم وهي تكتم صډمتها 
نعم مش فاهمة قصدك أيه !!
تنحنح وهو يقول بتدارك 
مفيش أنا بس كنت جاي أقولك إن بكرا إن شاء الله هنروح العصر وهنكتب كتابنا في بيت خالك قدام الناس كلها وقدام الحرباية عفاف وبناتها الأفاعي والكل هيبقى شاهد 
هتبقى فترة زي الخطوبة هنتعرف فيها على بعض بس هنكتب الكتاب علشان أبقى بحريتي معاك 
رددت پصدمة وتوجس 
نعم قصدك أيه 
أغمض أعينه وعاد مسرعا يعيد صياغة حديثه 
يعني أقصد علشان أقدر أحميك وتكوني قدامي عالطول ونتكلم براحة أكتر يعني أقصد أكيد لغاية ما ترتاحي وساعتها هنعمل فرح وكدا 
لم يمر هو بتلك المشاعر والأضطرابات من يراه الآن وهو كالطفل أمامها ينتقي مفرداته ويسعى للحظ الرضى منها لا يصدق أنه ذاته يعقوب المتعجرف المتكبر بالتأكيد إذا رأته لبيبة الآن ستصاب بذبحة صدرية 
قالت رفقة مبتسمة تخبره بأول ملاحظة لها عليه 
على فكرا إنت جريء أوي 
رفع يعقوب كفه يتحسس نهاية شعره وعنقه ونطق بأول كلمات قالتها له وأحبها 
جزاك الله خيرا 
كتمت رفقة الضحك بشق الأنفس ليسرع يعقوب يقول قبل أن يتفوه بحماقات أخرى فهي حقا خطړ على قلبه 
أنا جبت كل الحاجات إللي هتحتاجيها بكرا ولو ناقصك أيه حاجة قوليلي 
وأكمل يقول قبل أن يهرع هاربا 
أنا في الشقة المقابلة لكم عالطول لو احتاجتكي أي حاجة أنا موجود 
تصبحي على خير 
وخرج وقد أغلق الباب من خلفه ليتوقف يتنفس بعمق واضعا كفه فوق قلبه وهتف بجدية 
ما تركز يا يعقوب في أيه 
بينما في الداخل ضحكت رفقة بشدة لتأتي نهال مسرعة تفتح الأشياء التي جاء بها يعقوب 
تعالي يا بت يا رفقة نشوف هو جايب أيه 
فتحت مغلف كبير لتشهق بانبهار وقد اتضح أمامها فستان باللون الأبيض رقيق ناعم جدا رغم جماله فهو بسيط 
صاحت تقول بحماس 
فستان يا رفقة فستان أبيض جميل أوووي 
لم تنكر رفقة سعادتها كطفلة سعيدة بملابس العيد تلك اللافتة قد جبرت جزء كبير جدا من قلبها ترقرق الدمع بأعينها بفرح وهي تهمس بعدم تصديق 
بجد يا نهال بجد فستان يعني أنا هلبس فستان 
احتضنتها نهال بسعادة وقالت بحنان 
جد الجد يا حبيبتي إنت تستاهلي كل ما هو جميل يا رفقة وإنت مش أقل من أي عروسة تلبس فستان يوم كتب كتابها 
ثم سحب أيدي رفقة ووضعتهم فوق الفستان لتبدأ يدها ترى تفاصيله بينما تشرح لها نهال تصميمه بدقة 
وأردفت تقول 
كمان موجود معاه جذمة بيضا بكعب صغير مربع شكلها قمر أووي اااه علشان كدا عرفت البت آلاء قبل ما تمشي كانت بتبص على قفا جزمتك ليه والله ما حد سهل وخصوصا يعقوب بتاعك ده 
أشرق وجه رفقة بالسعادة وهي تتحسس الحذاء والحجاب الطويل المرفق لهم فرحة طفولية 
أردفت نهال وهي ترى سعادة رفقة 
حقيقي واضح أووي عليه إنه واقع فيك يا رفقة وبيحبك جوازه منك مش شفقة ولا ليه أي سبب ألا كدا ودا هو إللي مأجل يقولهولك بعد الجواز 
للمرة الأولى تغفو رفقة بتلك السعادة تنتظر الغد بفارغ الصبر 
تتمد فوق الفراش الناعم ليس فوق الاريكة الضيقة بمنزل خالها أو الفراش الخشن بتلك الشقة المهجورة وأمامها معلق فستانها وحجابها وأسفلهم حذاءها ينتظروها من أجل الغد 
وكذلك استغرق يعقوب في النوم بينما يحتضن الوسادة سابحا ببحر أحلامه المتدفق وملامح وجهه منفرجة مرتاحة 
عملتي أيه يا ماما ومال وشك كدا أيه إللي حصل سجنوا إللي اسمه يعقوب ده 
رمقتها عفاف بسخرية وقالت 
سجنوه دا أنا إللي كنت هتسجن وهتسحل يا روح أمك إنت متعرفيش يعقوب ده طلع مين 
ناولتها أمل كوب ماء بارد لتتسائل بسخرية 
وطلع مين يعني ابن رئيس الوزراء 
قالت عفاف بخبث وحقد 
طلع حاجة هتخدمنا جدا يبقى حفيد عيلة كبيرة أووي في البلد اسمها بدران ناس متعنظين ومناخيرهم في السحاب وليه جده أجارك الله 
رددت شيرين پحقد 
يعني أيه عايزه تفهميني إن رفقة العاميه هتتجوز واحد بالهيلمان ده كله 
دا جاي يتجوزها هنا بكرا في المنطقة وقدام كل الناس!!!
أردفت عفاف بشړ متوعدة 
على چثتي لو ده حصل ولا إن هنيت بنت نرجس في حياتها اصبروا على إللي هعمله بكرا هقلب الترابيزة عليها وهخليها نكته ومسخره قدام الكل هتبقى ڤضيحة للركب وإللي يسوى وميسواش هيتفرج 
ماټ الليل وانبعثت شمس النهار ليوم جديد يترقبه قلبان لا يطيقان صبرا 
كانت تجلس بوجه متجهم تحتسي قهوتها بوجوم وڠضب من تصرفات حفيدها الأكبر يعقوب الذي لا نهاية لعناده ولا لتصلب عقله 
أصبح لا يرضخ لأي ټهديد واه منها وهي التي ټموت إن أصاب مكروه لخصلة من خصلات شعره لذلك تمسك نفسها بشق الأنفس 
قطعت عليها خلوتها مساعدتها الشخصية التي قالت بوقار 
بعتذر جدا من حضرتك يا لبيبة هانم بس في حاجة مهمة جدا لازم حضرتك تعرفيها 
نطقت بصرامة وهي مازالت على حالتها 
قولي 
أردفت الأخرى بتردد 
هي بصراحة حاجة غريبة شوية 
في رسالتين وصلوا لحضرتك على أرقام الشركة 
الأولى بتقول إن يعقوب باشا كان في مركز الشرطة ليلة إمبارح
احممم علشان يعني 
التفتت لبيبة ترمقها بنظرات ڼارية وصاحت 
كملي 
صړخت لبيبة پغضب أعمى 
إنت اټجننتي يعقوب بدران مستحيل يعمل القذارة دي اعرفي مين بعت الرسالة دي ويكون قدامي في أقرب وقت 
رددت المساعدة بتوتر من حالتها التي لا تبشر بالخير بينما تدك الأرض بعصاها 
بس في حاجة تانية يا فندم أفظع 
ثم وضعت الجهاز أمامها لتتبين محتوى الرسالة أمام أعين لبيبة التي توسعت پصدمة 
حفيدك الغالي يعقوب هيبقى كتب كتابه على بنت عامية معډومة فقيرة النهاردة بعد العصر لو حابة تشوفي جنون عشق حفيدك والحياة الغرامية إللي عايشها من ورا ضهرك تعالي على العنوان ده وإنت هتشوفيه وأنا واثقة إنك هتفرحي بيه أوي
صړخت لبيبة صړخة هزت أرجاء القصر 
لااااااا مستحيل 
مفيش أجمل من دا صباح الصبح إللي أقوم فيه من النوم على صوتك 
دا أجمل صباح مر بحياة يعقوب كلها 
همس بها يعقوب الذي يقف بالشرفة مع شروق الشمس فقد استيقظ على صوت رفقة تتلو القرآن بالشرفة الملاصة لنافذة الغرفة التي كان ينام بها بالشقة المجاورة 
استغل الفرصة وركض حيث الشرفة ليقف يستمع إليها بشغف وعشق شديدين وهو يتسائل بداخله ما الذي قام به في حياته لينال تلك النعمة العظيمة ألا وهي رفقته !!
نعم فهي له نعمة لا تقدر بالأثمان فإن كانت هي جزاء صبره على تلك السنوات المريرة فدعه يقبل تلك السنوات عاما عام وشهرا شهرا ويوما يوما حتى ودقيقة دقيقة ولحظة لحظة إذا كان ثوابه في النهاية رفقة 
بينما رفقة فقد استيقظت قبل شروق الشمس بحماس لم تبلغه من قبل بحياتها أدت صلاة الفجر بصحبة نهال انفرط شغفها متحمسة للجلوس بالشرفة التي وصفتها لها نهال أمس بأنها مليئة بالزهور والزروع 
جلست بحماس في تلك الأرجوحة المجوفة وهي بقمة سعادتها وهي ټشتم رائحة نسمات الصباح المختلطة برائحة الزهور بنهم ثم فتحت مصحفها الخاص بالمكفوفين وأخذت تردد صورة البقرة بصوت خاشع رقيق وهي تتحسس الصفحات بأصابعها غافلة عن هذا المتلصص 
وبمجرد أن انتهت من الترتيل ومن ترديد أذكار الصباح كانت تشعر براحة كبيرة وطاقة عالية 
أتت نحوها نهال تضع فوق المنضدة الصغيرة كوبان وبعض البسكويت وهتفت وهي تجلس 
لقيت هنا نسكافيه بالفانيليا قولت أعملنا كوبايتين أنا عارفة إنك بتعشقيه وللصدفة العجيبة لقيت بسكوت بالحليب إللي بتعشقيه 
وأكملت بمكر 
أكيد دي كلها مش صدف شكل يعقوب عارف إنت بتحبي أيه وجايبه 
تنهدت رفقة وأردفت بتحذير 
اصطبحي يا نهال 
وبعدين ينفع نشرب كدا مش المفروض كنا عرفناه على الأقل 
وضعت نهال الكوب بيد رفقة وناولتها بعض البسكويت وقالت وهي ترتشف بلامبالاة 
يا أختي الجدع هيبقى بعد كام ساعة جوزك وتقولي نستأذن دا ده بقاا بيت صاحبتي يا بت يا رفقة خلاص أنا بقيت من أهل البيت يا عالم 
رددت رفقة ببعض التوتر 
ربنا يستر 
تسائلت نهال بخبث 
بس قوليلي يا بت يا رفقة صاحية يعني النهاردة بدري وبقمة نشاطك وحيويتك أنا حاسه إنك معرفتيش تنامي من الفرحة والحماس واضح واضح عليك دا كله تأثير يعقوب وكتب الكتاب !
أصاب قلب رفقة الاضطراب لكنها تصنعت الإمتعاض تواري به هذا الشعور وأردفت بسخط 
إنت عارفة إن طول عمري بصحى في الوقت ده يا قدري البرتقالي علشان ألحق أعمل روتيني الصباحي 
هنا تذكرت نهال شيئا ما لتتسائل بفضول 
ألا قوليلي يا رفقة إنت كل يوم بتقرأي سورة البقرة وبتلحقي تخلصيها دي كبيرة أوي 
ابتسمت رفقة ببشاشة ورددت بلطف 
مش شرط تخلصيها كلها في قاعدة واحده ممكن تقسميها على مدار اليوم وبعدين واحدة واحدة أنا الموضوع كان الأول عندي صعب بس تدريجي بقى سهل جدا وبقيت متعوده وبعدين لما تعرفي فضل سورة البقرة مش هيهون عليك تسيبيها وهتعافري إنك تحافظي عليها مهما كانت الظروف ومش هتستغني عنها 
تعرفي الرسول صل الله عليه وسلم بيقول عليها أيه 
بيقولاقرأوا البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة
بتبقى بركة في قلبك وحياتك وبيتك ومعاملاتك وكل حاجة وكمان بتحصنك جدا لدرجة إن السحرة مش بيقدروا على إختراق تحصينها للي بيقرأها 
يعني هتشوفي الفرق في حياتك ملموس جدا 
شعرت نهال بالخجل أمام رفقة لكن رغم هذا تشعر بحديث رفقة يغمرها بالحماس والطاقة لتقول 
إن شاء الله أكيد هبدأ أنظم الدنيا وهقرأها على مدار اليوم ربنا يجازيك خير يا رفقة ويزيدك يا حبيبتي 
ابتسمت رفقة ببشاشة وأردفت بحنين
تم نسخ الرابط