فلبي متكبر بقلم سارة نيل
المحتويات
راجل صريح ومش بيعجبني الحال المايل حقك عليا وعلى عيني وقلبي أنا مكانش واجعني ألا قعدتك في الشمس ولغاية دلوقتي مش مسامح نفسي عليها تعرفي إن بعدها خرجت وفضلت قاعد في نفس مكانك ساعتين تحت الشمس
الكوابيس مكانتش بتسيبني وكنت بلف وراك زي المچنون أنا من بعد ما شوفتك ومبقيتش يعقوب إللي أنا أعرفه
رفع كفها يقبل باطنه بحنان وأكمل بندم مختلط بالحب
رغم الدموع التي نمت بمقلتيها لكنها تبسمت ثم أردفت بهدوء
تعرف يا يعقوب لما الإنسان بيرتكب ذنب حرام ومش بيبقى عارف إنه حرام ربنا بيسامحه ولا كأنه عمل حاجة بس بعدها بيتعلم إن الذنب ده حرام وبيتجنبه
مش من حقك ولا من حق أي حد يحكم على غيره من مجرد موقف التمس لأخيك مئة عذر
إنت مش عارف ظروفه أيه
وإنت مش حمل تحمل ذنب سوء الظن يا يعقوب
كان المفروض تستفسر أو تسمع على الأقل
صمتت برهة تحت نظرات يعقوب المتوترة المترقبة ابتلع ريقه بصعوبة وتسائل بصوت خاڤت مجعد
هاا إنت ساكتة ليه سامحتي يعقوب
ابتسمت باتساع وأردفت برفق يشبهها ونبرة الحزن والندم بصوته جلية لها
أوب لقد سامحتك على ما كان منك
رفرف قلبه سعادة وقال بفرحة
هو دا قلب رفقة إللي أعرفه
وأخرج ورقة من جيبه ثم بسطها أمامها وقال
يلا بقاا امضي هنا
أيه ده!!
وضع القلم بين أصابعها ووقف يجلس بجانبها وهو يرشدها لموضع الإمضاء يخبرها
دا عقد تمليك لشقتنا الشقة خلاص بقت باسمك دا تقدري تقولي تنازل مني لك يعني عقد بيع وشراء
سحبت رفقة يدها وتوسعت أعينها پصدمة قائلة باعتراض
لأ يا يعقوب مينفعش وبعدين ما إحنا مع بعض أهو أيه لازمتها ملهوش داعي
ريحيني يا رفقة أنا عايز أطمن عليك علشان مهما حصل يكون عندك بيتك ومعاك فلوسك وإن شاء الله هزودهالك لما تكون باسمك أحسن ما تكون باسمي
انتفض قلبها من هذا الحديث المخيف وشعرت پألم حاد يغزوها والخۏف يعتريها من مجرد التفكير بعدم وجود يعقوب يوما ما
قصدك أيه بالكلام ده يا يعقوب إنت ليه بتخوفني بكلامك ده !!
همس لها وهو يخلل أصابعه بأصابعها
رفقة أرنوبي حبيبي متقلقيش مفيش حاجة هتحصل اطمني بس لو عملتي كدا هتريحيني علشان خاطر يعقوب
فتحت فمها لتعترض لكنه قاطعها بقوله الحاسم
اسمعي الكلام يا رفقة وريحي قلب يعقوب
حركت رأسها على مضض ليأخذ بيدها الممسكة بالقلم ثم ساعدها لتنقش اسمها بهدوء
تنفس براحة وأثنى الورقة وأعادها لجيبه ثم سحب شيئا ما أخر ووضعه بين يدي رفقة فأخذت تتحسسه بهدوء فابتسمت بسعادة فور أن عرفت ماهية هذا الشيء
قلادة يتدلى من زهرة الأقحوان المزيجة باللونين الأبيض والأصفر
أخذها يعقوب من يدها ثم اقترب يمد يده من أسفل حجابها يضعها حوله عنقها بهدوء ثم طبع قبلة خفيفة فوق جبينها
وقال بمرح
أحسن حاجة إن إحنا في مكان بعيد مش وسط الناس
علشان أتصرف براحة
سحبت يدها وابتعدت عنه بخجل قائلة بإمتنان
شكرا جدا على السلسلة يا أوب حقيقي النهاردة من أجمل الأيام
لو شوفتك خلعاها من رقبتك هعرف إنك زعلانة من أوب أتمنى متتخلعش يا أرنوب
أكيد مش هخلعها حتى لو زعلانه منك لأن هعاقبك بطرق تانيه كتيره
ضحك يعقوب بصخب لتكمل هي بتحذير
جرب بس وإنت هتشوف
ردد من بين ضحكه
مقدرش على زعلك يا أرنوب مع إني مشتاق أعرف أيه طرق العقاپ بتاعتك
لا متقلقش الأيام جايه كتير وهتشبع منها مش بس هتعرفها يا أوب
أجلت صوتها ثم قالت بجدية
بقولك يا يعقوب أنا كنت عايزه أروح لأي دار رعاية تكون كويسة
انتفض قلب يعقوب وتسائل پصدمة ووجه شاحب
ليه أيه جاب السيرة دي يا رفقة
شعرت بصډمته ومخاوفه فابتسمت تطمئنه وأردفت موضحة
لأ بس كنت عايزه اتبرع بجزء من الفلوس إللي معايا وعايزه أوديها لمكان أمين يستحق
في ناس بتتبرع كتير للمستشفيات ودار الأيتام بس دور الرعاية محدش واخد باله منهم مع العلم إنهم يستحقوا جدا
تأملها بفخر وقال بتفهم
أنا عارف دار رعاية كويسة جدا بتبرع ليهم شهريا متقلقيش الدنيا لسه فيها خير وفي ناس بتتبرعلهم وعندك حق فعلا هما يستاهلوا
إن شاء الله بكرا أخدك ونروح
إن شاء الله
ومر الوقت وهم من بين مرح وهي تسرد له الكثير عنها وهو يبادلها الذكريات التي لم يجد منها سوى السيء الموجع إن كانت هي ذكرياتها خليط ما بين السعادة والۏجع فذكرياته هو يملأها الألم المصائب والۏجع فقط
بقلم سارة نيل
بعد أن أوصلها المنزل هبط يقود سيارته وهو يفكر بأن هذا هو القرار الصحيح
ماله الخاص لا يغطي تكاليف العملية الجراحية لأعينها وليس أمامه سوى هذا الحل
منذ فترة كانت قد اقترحت لبيبة بدران عليه بيع مطعمه لها ويبدو أن الآن هو الوقت المناسب لتنفيذ هذا الإقتراح
وصل أمام قصر آل بدران لكنه تفاجئ بكم هائل من الصحافة أمام القصر وفور رؤيتهم له تجمعوا من حوله ووميض الكاميرات تلمع على وجهه والكثير من التساؤلات تتطاير في الوسط
يعقوب باشا هل خبر زواجك صحيح فعلا
يعقوب بدران ليه زواجك في السر ومقدرناش نشوف صورة زوجتك على مواقع التواصل الإجتماعي
هل هي من الوسط المخملي وليه مسمعناش عن أي حفل زفاف
يا ترى من هي إللي قدرت تكسر انعزال وريث آل بدران يعقوب باشا وتوقعه في شباكها
زفر يعقوب بسخط بينما رجال الأمن يحاولون تخليصه من بينهم لكنه توقف باستياء ثم هدر بصوت قوي محتد خشن
أظن دا شيء شخصي وحياتي متخصكوش بس علشان أريحكم أيوا كتبت كتابي على إللي اخترها قلبي وعقلي وبعد فترة هيبقى زفاف يليق بيها
أما بالنسبة لصورتها فأنا مراتي مش بنزلها صور على مواقع التواصل لأن مقبلش بحاجة زي دي ولا هي تقبل ولأني مش ډيوث وبغير على مراتي وأكيد تشوفها أو لأ دي حاجة مش هتفيدكم ويلا كلكم اتفضلوا
وانسل من بينهم للداخل وصعد مباشرة تجاه غرفة جدته متجاهلا نداء شقيقه يامن
لكنه توقف بتعجب وهو يرى خروج الطبيبة من غرفة جدته بصحبة المساعدة الشخصية لجدته
سألها بوجه جامد
في أيه
أجابته باحترام
يعقوب باشا لبيبة هانم ضغطها وطى شوية وأغمى عليها بس مفيش أي قلق يا باشا هي بقت بخير
دلف يعقوب للداخل ليجد جدته تتمدد مستنده على ظهر الفراش ويبدو على ملامحها الجامدة التعب والإرهاق
اقترب حتى وقف على مقربة منها فشعرت بأحد فوق رأسها لتلتفت فوجدته لتهمس بلين وهي تمد إليه ذراعها فمهما حدث يبقى العالم أجمع بجهة ويعقوب بمفرده على جهة خاصة جدا حتى وإن كان تعبيرها بالحب خاطئ
اقترب يعقوب وهو يتذكر كلمات رفقة ونصائحها وجلس بجانبها على طرف الفراش رفعت كفها المجعد تضعه على يده ذات العروق المنتفخة وهمست بإجهاد
يعقوب ابني وحفيدي وسندي وضهري وشرفي وعزي وكبريائي
دمدم بإرهاق وهو يتذكرها عندما كان يمرض ماذا كانت تفعل
مش كفاية كدا يا لبيبة هانم كفايانا كدا
سعلت بخفة وقالت بجمود رغم وهنها
إنت عارف إن مينفعش يا يعقوب باشا
زفر بإحباط وانتصب واقفا وقال ببرود
عموما أنا مش جاي علشان أتكلم في الموضوع ده
استدار ووقف يعقوب أمامها بشموخ ثم أردف بجمود بما جعل لبيبة تتصنم
أنا مستعد أبيع فرعين من مطعمي لك بالسعر إللي تحدديه وهحتفظ بالفرع التالت
أخيرا خرج صوتها المصډوم
يآآآه في حاجة أهم من حلمك إللي ضحيت علشانه بكل حاجة وحاربتني لأجله غريبة تتنازل عنه بالسهولة دي !!
بس بغض النظر عن كل حاجة أنا موافقة
همس يعقوب وهو يخرج بإصرار
في الأهم نور عيون رفقة
بعد أن فاقت من صډمتها رفعت هاتفها وقالت بحزم وصرامة شديدة
بكرا تنفذ إللي اتفقنا عليه وتاني حاجة يعقوب واضح إن محتاج مبلغ كبير تعرفلي هو عايزه في أيه
بقلمسارة نيل
وقفت أمام الضابط تصرخ وهي تلطم وجهها وصاحت برجاء
طب أخر طلب أنا عايزه رفقة تجيلي ممكن أشوفها واتكلم معاها قولها إن أنا عيزاها ضروري
أشار براء للعسكري بنفور
خدها يا ابني الحبس إنت بكرا هتتعرضي على النيابة يا ست إنت وابقي قولي إللي إنت عيزاه
جذبها العسكري من الأصفاد وصړاخها المعترض يملأ أركان المكان تشعر وكأن مس من جنون أصابها
بقلمسارة نيل
في وسط الظلام كانا يجلسان أسفل الشجرة أعينهما سابحة في شرود بعيد جدا وكأنهم ليسوا بالواقع وهم بالفعل ليسوا بالواقع
التيهة مرتسمة على وجههم وأيامهم عنوانها المجهول كما كانت منذ عشر سنوات إلى الآن
ما يدل أنهم مازالوا على قيد الحياة أنفاسهم المنتظمة وأعينهم التي ترجف بين الحين والآخر
بالداخل أمام أحد النوافذ قالت إحدى العاملات لصديقتها
روحي يا بنتي جبيهم من البرد علشان يناموا دول لو فضلوا الليل كله كدا مش هيتحركوا
قالت صديقتها باشفاق
الله يكون في عونهم شوفي بقالهم كام سنة على نفس الحال من وقت ما وصلوا دار الرعاية لا فاكرين هما مين ولا ظهر لهم حد يا ترى أيه إللي حصلهم وصلهم لكدا !!
سؤال بنسأله من عشر سنين وحالتهم لسه زي ما هيا مش بتتحسن
أيدتها الأخرى بعطف
لولا السلسلة إللي في رقبة الست مكوناش حتى عرفنا اسماءهم
يحيى ونرجس
إللي سمعته صح يا لبيبة هانم !!
كان هذا تساؤل فاضل زكريا بنبرته الذي جاهد لجعلها هادئة بعد هذا الخبر الصاعق الذي تلقاه بزواج يعقوب بدران بفتاة مجهولة وانتشار مقطع مصور باعتراف يعقوب
لم تحرك لبيبة ساكنا وبقت على حالة جمودها وهتفت بكل برود باقتضاب
أيوا صح
هتف الرجل وهو على حافة الجنون من فكرة عدم زواج ابنته بالوريث الشرعي الأول يعقوب بدران
بس ده مكانش إتفاقنا يا لبيبة هانم مش اتفقنا يبقى فيه نسب بينا وحضرتك اتكلمتي على بنتي ليعقوب باشا
انتصبت پغضب ودقت بعصاها بشدة وصاحت من بين أسنانها
ولسه على كلامي يا فاضل ومش بسمح لأي مخلوق مهما حصل يكلمني بلهجتك دي
وبنتك لو مش عايزه تخسر يعقوب يبقى تتحرك وتنفذ إللي قولتلها عليه
وانصرفت بتكبر وغرور شديد وتذر هذا الغاضب الذي يغلى عقله كالمرجل ويقسم في قرارة نفسه بأنه لن يخسر تلك الجولة بتاتا
بقلمسارة نيل
اقتحم حسين والد يعقوب غرفة مكتب والدته پغضب ولم يبالي بقوانينها البالية
هدر پغضب أعمى
عملتي أيه وخليتي يعقوب يقتنع ويوافق يبيع لك المطاعم بتاعته هددتيه بأيه عملتي فيه أيه يا لبيبة هانم أنا متخيلتش توصلي للدرجة دي يا أمي
عادت بظهرها للخلف وهي تسحب عويناتها من فوق وجهها ورددت ببرودها المعتاد
طب وأيه لازمتها أمي يا حسين باشا
اقترب من سطح المكتب يطرق فوقه پجنون بعروق وجه منتفخة وهدر بحدة
فهميني إنت عايزه أيه من
متابعة القراءة