فلبي متكبر بقلم سارة نيل

موقع أيام نيوز

الأيام دي كلها 
يعقوب مبقاش صغير ومستحيل تعرفي تاخديه تحت جناحك تاني 
سيبيه يبني أحلامه زي ما هو عايز مش لازم يشتغل ويمسك شغل الشركات موجود أنا وحسين ويامن وإنت بتراجعي الشغل شهريا 
شركات العيلة إحنا موجودين وكفاية عليها 
يعقوب مش هاوي الشغل ده اجتهد وبقى ليه سلاسل مطاعم وهو حابب كدا 
دا شغفه سيبيه يا أمي أرجوك 
رددت بكل قسۏة ولم تبالي بقلب هذه الأم المكلوم 
أنا سيباه بمزاجي مع اللعبة إللي بيلعباها بتاعة المطاعم دي ولو حابه أنهيها هنهيها 
والكلام في الموضوع ده إنتهى 
واستقامت منصرفة برأس شامخ وتكبر يطفو على ملامحها عملت على بثه وزرعه بقلب يعقوب خلال سنوات عمره الثلاثون وهي التي لم تفشل في أمر قط!! فكيف لها أن تقبل بخسارة عدم جعل يعقوب نسخة عنها وعن أجدادها!!
بقلمسارة نيل 
انتصف النهار ومازالت هي حبيسة غرفتها وتلك الكلمات التي هزت بدنها أمس تدور بعقلها دون براح تفكر في حل يخلص زوجة خالها من عبئها كما قالت 
تشعر بالغربة والخجل من كونها مجرد ثقل على قلوبهم تؤلمها فكرة أنها غير مرغوبة 
بين الحين والآخر تخرج لټغرق وجهها بالماء في محاولة لتغطية الدموع التي ټغرق عينيها ووجهها 
كانت تتضور جوعا لكن لم يتأتى لها أن تتناول الطعام لحرجها 
فكرت بالخروج لإستنشاق الهواء وذهابها لمطعم بوبلكن الدوار الذي كان يحيطها نتيجة تلك الصدمة والچرح الذي برأسها وأيضا إنطفاءها وكثرة الأفكار التي تأتي لعقلها فلم تشعر بالرغبة في الخروج 
همست بحزن 
يارب دلني وارشدني للطريق الصح مش عارفة أعمل أيه حقيقي !
بينما عند يعقوب الذي أمضى النهار يبحث بين سجلات الكاميرا يشاهد المقاطع التي تظهر بها رفقة دون كلل أو ملل 
كان كمن يجلس على جمر وأمضى النهار أعينه معلقة بالباب علها تأتي 
كبرياءه اللعېن يحجبه لأن يذهب إلى
عبد الرحمن يبرحه ضړبا ويجبره على الإتصال بها والأعتذار منها وجعلها تحضر 
وقف يسير في الحجرة حتى وقف أمام الشرفة الواسعة ينظر للبحر الثائر من بعيد 
شردت أعينه بتلك الذكريات التي حفرت بعقله مهما مرت عليها السنون 
طفل صغير في عمر السابعة يبقف أمام جدته قائلا برجاء طفولي وهو يبكي 
علشان خاطري يا تيتا خليني أكلم بابا وماما بقالي كتير مش كلمتهم 
أتى صوتها الجامد كقلبها تقول بتحذير 
وبعدين يا يعقوب مش قولنا هي مرة في الشهر لأنهم مش قاعدين فاضيين هناك هما مسافرين بيشتغلوا 
طب ليه مش خدوني معاهم ما هما معاهم يامن أخويا ليه سابوني !!
قالت ببعض القسۏة 
هو إنت مش بتحبني يا يعقوب إنت هنا معايا وبعدين بلاش عياط مش اتفقنا إن إللي بيبكي هو الضعيف بس 
قال بحزن طفولي 
بس إنت مش بتخليني ألعب بالكورة مع أصحابي ومش راضية تخليني أشوف أصحابي كمان ولا راضية تخليني أكل الأكلات إللي بحبها ولا البسبوسة 
ولا أتفرج على الكرتون وبتخليني أنام وأنا مش عايز أنام بفضل على السرير ساعتين لغاية ما عيني توجعني من الضلمة ومش بتخليني أسمع حكاية زي ما ماما كانت بتعمل 
أردفت بهدوء ولم يرق قلبها 
لأن دا الصح يا يعقوب إنت مش بقيت طفل علشان تلعب في حاجات مهمة لازم تتعلمها بدل اللعب كمان الأكل إللي بتحبه كله مش صحي لازم تاكل أكل صحي بمواعيد والحلويات مش كويسة علشان سنانك 
والكرتون ده كلام فاضي ولازم تنام بدري في ميعادك علشان ده النوم الصحي لجسمك 
وواصلت بتحذير 
لازم تسمع الكلام من غير إعتراض يا يعقوب وبلاش المقاوحة دي 
دي قواعد لازم تلتزم بيها علشان تبقى إنسان ناجح 
صمت بوجه متذمر فلقد حرمته جدته من كل الأشياء التي يحبها 
ألعابه وكرة القدم وأصدقائه والحلوى والبرجر حتى الحكايات والكرتون 
قال بإلحاح فربما توافق على هذا الرجاء الأخير 
طب مش هتفسحيني وتوديني الملاهي يوم الجمعة 
أردفت بحدة وهي تشير نحو أحد الغرف 
مفيش خروجات ولا ملاهي ويلا على النوم من غير إعتراض اغسل سنانك ونام يا يعقوب عندك تدريب الساعة سابعة الصبح 
ذهب لغرفته ثم جلس على فراشه الذي تمت إزالة كل ألعابه من فوقه 
ترقرق الدمع بأعينه بحزن وهمس وهو يبكي 
ليه يا بابا إنت وماما سبتوني معاها إشمعنا أخدتوا يامن وأنا لأ أنا زعلان منكم أووي يعقوب زعلان منكم أنا هنا لواحدي 
سحبه من شروده صوت عبد الرحمن الذي أخذ يناديه 
يعقوب يعقوب 
أعاد فتح وغلق أعينه مرات عدة ليمنع تلك الدموع التي ترقرقت بأعينه واستدار يقول بهدوء 
خير يا عبد الرحمن 
تعجب عبد الرحمن من حالته ليتسائل 
الوقت اتأخر إنت مش راجع البيت
قال باقتضاب 
لأ اقفل المطعم في الميعاد أنا هفضل هنا 
شعر عبد الرحمن بالحزن لأجله فهو يعلم ما مر به يعقوب جيدا 
للحظة شعر بالندم أنه كڈب عليه بشأن رفقة فالحسن الحظ رفقة لسبب ما لغير العادة لم تأتي اليوم ويبدو أن هذا سبب حزنه وانزعاجه وأوشك أن يخبره بحقيقة الأمر لكنه تراجع فهو يرى إهتمام يعقوب بأمر رفقة على غير عادته فليتركه يخرج ما بجعبته 
وخرج عبد الرحمن بعد أن قال بإبتسامة ماكرة 
تمام تصبح على خير يا بوب وأشوفك بكرا 
تمدد يعقوب فوق الأريكة وهو يسحب اللاب توب أمامه يشاهد تلك السجلات بلا ملل لا يعلم سببه يتسائل كيف له أن يلتقيها!
لكن لماذا!!
لماذا يريد لقياها !
ظلت العديد من الأسئلة تدور بعقله حتى غفى وذهب بثبات عميق لتكون هي سيدة أحلامه للمرة الأولى 
بقلمسارة نيل 
بصباح يوم جديد حملت شمسه الكثير من المفاجأت 
جلست أمل بجانب شيرين تهمس 
متأكدة إن خطتنا هتنجح إنت واثقة إن هي هتخرج 
أيوا يا بنتي متقلقيش هي أصلا محضره هدومها من بليل وبعدين إحنا خلصنا كل حاجة من غير ما هي تحس أصلا 
ضحكت أمل بخبث قائلة 
دي هتبقى مسخرة يا بنتي يلا خلي إللي يسوى وميسواش يتفرج عليها 
هتبقى ڤضيحة 
قالت شيرين پحقد دفين 
تستاهل خليها تشرب فاكره زمان وإحنا صغيرين كانت بتتنطط علينا إزاي وكانت الدلوعة بتاعة الكل ورفقة راحة ورفقة جات 
دلوقتي كل حاجة اتقلبت هي إللي بقت محتاجلنا بقت عاجزة وعالة على غيرها 
لا أهل ولا جمال بعد ما اتعمت ولا أي حاجة وابقى قابليني مين هيقبل ببنت عامية زيها 
أما عند رفقة التي استيقظت وغسلت وجهها وأخذت ترتدي ملابسها بهدوء ثم خرجت بعدما سمعت بوق سيارة الأجرة الخاصة بالعم أشرف يخبرها بوصوله 
ابتسمت وهي تهبط الدرجات بهدوء تساعدها عصاها حتى وصلت ليفتح لها العم أشرف الباب وهو ينظر لها بتعجب شديد متسائلا لماذا تفعل رفقة مثل هذا الشيء !
إزيك يا عمو أشرف عامل أيه يا طيب 
تنحنح الرجل مستفيقا محركا رأسه وهو يقنع عقله أن هذا ربما لحاجة في نفسها
ولم يرد إحراجها 
ردد بطيبة وحنان 
الحمد لله في فضل ونعمة يا بنتي 
ربنا يزيدك يارب 
بعد قليل كانت سيارة الأجرة تقف أمام مطعم بوب لتهبط رفقة مبتسمة وهي تسير نحو المدخل الذي يبعد عنها ثلاث خطوات فقط 
في هذا الأثناء عندما يأس يعقوب من الإنتظار أقنع نفسه أن يخرج ليبدل ملابسه ويخرج هذا الهوس من عقله 
كان على وشك الخروج لكنه تسمر وهو يراها تدلف بإبتسامة واسعة جعلت السعادة تشق قلبه 
لكن كان لمن في المطعم رأي أخر ففور أن وقعت أنظارهم على رفقة توسعت پصدمة ومنهم من اڼفجر ضاحكا !
خرج صوت أحد الشباب الساخر والذي جعل يعقوب وطاقم العمل يستفيقون من صدمتهم ليقول وهو يرشق رفقة بنظرات محتقرة 
ودي طريقة جديدة لجذب الأنظار ولا أيه!!
لتكوني مفكرة نفسك ظريفة ولا حاجة 
رن صوت ضحكات أحد الشباب المختلطة بالفتيات المجلجلة لتقول إحداهن 
شكلها شبه المهرجين 
قصدك الشحاتين!
أنا مش عارف إزاي سمحوا لواحدة زي دي تدخل مكان محترم زي ده !
تلاقيها داخله تسترزق يا ابني يا عم الأشكال دي كترت أووي والمشكلة إنها عاملة نفسها عامية الناس دي مش خاېفة ربنا يبليها بجد !
اختلط لغط الجميع بينما رفقة فكانت تقف بالمتتصف تشعر أن العالم يدور حولها لا تفهم ما الذي يحدث!!
وهل هي المقصودة بهذا الحديث !
إذا لماذا!!
لماذا يقولون مثل هذه الأشياء الچارحة !
ارتجف قلبها وتجمدت دموعها وهي تقبض على عصاها لا تعلم كيف تتصرف! تشعر نفسها غارقة 
بينما على الناحية الأخرى كان هناك يعقوب 
شكلت تلك الكلمات حلقة كانت تدور حول أذنيه وبعقله شعر وكأن خنجر بارد يخمش بقلبه وهو يراها بمثل هذه الحالة 
حتما هو تصرف غير أخلاقي من أناس نزع من قلبهم الإنسانية والرحمة 
قبض على كفيه حتى ابيضت مفاصله ونفرت عروق عنقه ووجهه وأعينه أصبحت تنضح ڼارا أضرمت في قلبه قبل أعينه 
حينها ركضت آلاء وبعض الفتيات التي تعمل بالمطعم نحو رفقة المرتجفة سحبتها آلاء للداخل برفق وهي تقول 
تعالي جوا معانا يا رفقة 
لكن قبل دخولهم زلزل كيانهم صوته الراعد صائحا بهؤلاء المستهزئين 
برااا كلكم برا ومعدتش أشوف وش كلب فيكم هنا يلا إنت وهي 
دي أطهر من أي حد فيكم يا أعمى البصر والبصيرة 
فكركم إنتوا كدا حاجة كويسة وظريف إنت وهو لما تقعدوا تنكتوا على واحدة إنتوا مش عارفين ظروفها أكيد حد عديم الإنسانية والرحمة زيكم هو إللي استغل حالتها 
يلا براااا وممنوع دخول المكان ده تاني لأن دا مكان محترم زي ما قولتوا ومش بيدخله ألا ناس محترمة وراقية 
وأخذ ينادي بعصبية شديدة 
عبد الرحمن طلع شوية المهرجين دول براااا 
حرك عبد الرحمن المصډوم من ردة فعل يعقوب رأسه وأخذ ينفذ تعليمات يعقوب بسعادة من موقفه 
بالداخل كانت رفقة تنكمش على نفسها وتبكي بإرتجاف وأخذت تقول بكلمات مرتعشة 
آلاء بالله عليك فهمني في أيه يعني هما ليه كانوا بيضحكوا عليا وبيقولوا عليا الكلام الۏحش ده قوليلي لو سمحتي في أيه 
تمزق قلب آلاء وجميع الفتيات التي كانت بالغرفة سحبتها آلاء بين أحضانها وظلت تربت على ظهرها بحنان قائلة 
ناس مريضة متشغليش بالك يا رفقة والأستاذ يعقوب أخدلك حقك 
تشبثت رفقة بيدها وقالت برجاء 
لو سمحتي يا آلاء عرفني قوليلي علشان أرتاح 
اقتربت منهم أحد الفتيات وهمست بأذن آلاء 
لازم تقوليلها يا آلاء لأن الواضح إللي عمل كدا حد هي بتستأمنه ومستغفلها وهي لازم تفوق وتعرف حبيبها من عدوها 
تنهدت آلاء ثم سحبت رفقة للجلوس وقالت وهي ممسكة كفيها برفق 
مش عارفة مين عمل فيك كدا بس واضح إن حد معاك في البيت واستغل نومك مثلا 
في ميكب أب على وشك بطريقة فجة 
يعني روچ على بوقك لونه فاقع ومحطوط بطريقة عشوائية 
وحوالين عينك بألوان كتير فاقعة غير الفاونديشن الفاتح إللي محطوط بطريقة مبالغ فيها والحمرة إللي على خدودك 
أما فستانك الأبيض فهو مليان بقع كتير زي ما تقولي بقع فحم على طماطم جافة وألوان معرفش أيه مصدرها 
هبطت تلك الكلمات على قلب رفقة كالصاعقة شهقت پصدمة واضعة كفها على شفتيها وأخذت تقول بتقطع من غير إستيعاب 
أمل وشيرين طب ليه ليه يعملوا كدا 
الناس دلوقتي إللي شافوني قالوا أيه عليا 
علشان كدا وأنا بغسل وشي الصبح كنت حاسة بحاجة غريبة كأن وشي جاف بس أنا مجاش في بالي والله أنا متوقعتش يعملوا كدا 
دا أنا
تم نسخ الرابط