فلبي متكبر بقلم سارة نيل

موقع أيام نيوز

على الفور أنها والدة يعقوب ومن بجانبها والده 
وعلى الجانب الأخر يقف شاب فور أن رأها بصحبة لبيبة ركض تجاهها بلهفة ولم يكن سوى كريم الذي قال بقلق 
مدام رفقة إنت كويسة !!
ابتعدت لبيبة عنها والتزمت مكانها أمام اللوح الزجاجي بينما تسائلت رفقة بحذر 
إنت مين !!
قال كريم 
أنا صاحب يعقوب وبشتغل معاه يعقوب كان كلمني وإنت في المستشفى علشان تبقي تحت حمايتي 
هو ڠصب عنه كان لازم يختارك هي أجرته يعمل كدا وهي السبب في حالته دي 
وأخذ يسرد لها ما حدث وسبب ترك يعقوب لها وما حدث ليعقوب من بعد ذلك 
التفتت تنظر للبيبة ذات الوجه المغلف بالصمت وقد انبجست عبرات رفقة من محاجرها 
اقتربت منها وقالت بقوة 
ليه كدا أيه سبب الكره ده كله استفادتي أيه لما وصلتيه لكدا!!
ليه مصعبة الدنيا
كدا إنت مفكره إنك كدا بتحبيه فين الحب في كدا !!
حبك الأناني وصله لأحضان المۏت يا لبيبة هانم يعقوب لو حصله حاجة هيفضل ذنبه برقبتك 
وتركتها رفقة ودلفت للداخل ولم تحرك للبيبة ساكن إلا أنها تحركت للطابق الأسفل لمقابلة الطبيب وأثناء سيرها تقابلت مع يامن الذي يقف أمام أحد الغرف بقلق 
توقفت لتتسائل بتعجب 
أيه موقفك هنا 
قال بوجه شاحب قلق 
يعقوب حصله حاجة أنا كنت جاي حالا 
تنهدت وأردفت بهدوء 
مفيش حاجة حصلت يعقوب بخير 
إنت هنا بتعمل أيه !!
مسح على وجهه وقال بتعب 
وأنا جاي على الطريق بعد ما عرفنا إللي حصل ليعقوب خبطت اتنين شكلهم تايه وهما بيعدوا الطريق ولولا إن ضړبت فرامل أخر لحظة خففت السرعة كان زمانهم خلصانين 
تسائلت هي بهدوءها المعتاد 
وهما كويسين ولا أيه حصلهم 
ضغط يامن على جسر أنفه بإرهاق وقال بتيهة 
عندهم كسور ورضوض وچروح بس الست حالتها وحشة ومڼهارة وبتصرخ إنها عايزه بنتها والدكتور بيقول إنها مريضة قلب وعندها عملية لازم تتعمل بس هي رافضة 
أنا مش عارف أعمل أيه وخصوصا إنهم شكلهم ناس متبهدلين وشكلهم تايه لا يعرفوا أماكن ولا معاهم أوراق شخصية 
أعمل أيه يا جدتي قوليلي 
كانت نبرة يامن نبرة مستغيثة حركت كل مشاعر لبيبة فرمقته نظرة تطمئنه بها ثم قالت وهي تسير تجاه الغرفة 
طب وديني لهم أنا هحل الموضوع 
ولجوا للغرفة لكن فور أن وزعت لبيبة أنظارها ووقعت عليهم نطقت بدهشة 
إنتوا 
تمعنت بها نرجس قليلا هي ويحيى المتمدد فوق الفراش وسرعان ما نطقت نرجس 
مدام لبيبة 
وزع يامن أنظاره بينهم بتعجب وهتف 
هو إنتوا تعرفوا بعض !
جذبت لبيبة أحد المقاعد وجلست بهدوء ثم أدرفت 
إنتوا متبهدلين ليه كدا وأيه وصلكم لهنا 
تنهد يحيى بثقل ثم قال بأعين غائمة بالحزن وقلب ثقيل بالهموم 
إحنا ضحاېا الغدر يا مدام لبيبة حصلت معانا حاجات مش هتصدقيها 
بعد يوم الحاډثة وكل حاجة في حياتنا اتقلبت 
مش عارف أقولك أيه ولا أيه 
رددت نرجس بسعادة وأعين باكية بينما تضع يدها فوق قلبها تمسد عليه 
بس شوف يا يحيى بعد كل السنين دي نقابل الست لبيبة صدفة زي المرة الأولى 
أكيد دي مش صدفة يا يحيى دا ترتيب ربنا أنا واثقة من كدا أنا واثقة من كل الأقدار إللي ربنا كتبها لنا 
على الأقل حد نعرفه وهي ست خير وأكيد هتساعدنا نلاقي بنتنا 
رغم انشغال عقلها الكلي بيعقوب لكن شيء بداخلها يجذبها ويجترها لأن تستمع إليهم أدرفت بثبات جعل أعين يامن تتسع پصدمة وهو يتعرف على جانب أخر من جدته بخلاف القسۏة والبرود كان يجهله تماما بل لم يتوقع وجوده من الأساس 
احكوا أنا سامعة 
شرع يحيى في قص ما حدث من بعد يوم الحاډث الأليم 
بعد ما أنقذتينا في اليوم ده والشاب إللي كان تبعك أنقذ بنتي 
وبعد ما رفقة فاقت للأسف فقدت البصر 
إلى هنا توقف الإدراك لدى لبيبة وكررت وقد نشبت التساؤلات بداخلها 
فقدت البصر ورفقة 
واصل يحيى سرده وهو يحرك رأسه بأسف 
للأسف بنتي رفقة فقدت البصر وعدت فترة صعبة جدا علينا لغاية ما تأقلمت 
كنت أنا وأم رفقة نفسنا في الحج وكنا مقدمين وربنا كرمنا وجاتلنا بس ساعتها قولنا بلاش ومش هنطلع بس رفقة أصرت علينا وساعتها قالتلنا روحوا وادعولي هناك 
كان عندي حتة أرض من ورثي والحمد لله ربنا كرمنا وبعتها بمبلغ كبير حطيت مبلغ منه في حساب لرفقة ومبلغ طلعنا بيه الحج وسيبنا مبلغ في شقتنا في مكان ميوصلوش حد ومبلغ خدناه معانا علشان نشتري هدايا للكل ونفرح الجميع ونصرف منه 
مكانش حد يعرف بكل ده ألا الناس القريبة مننا زي الحاج عاطف أخو نرجس ومراته وبصراحة دول أهلنا ونأمنهم على روحنا علشان كدا لما جينا نسافر سيبنا رفقة عند الست عفاف لأنها كانت بتحب رفقة أووي زيها زي بناتها استأمنها على بنتنا وبيتنا وكل حاجة 
وسافرنا واتحركنا للمطار بليل بس في طريقنا حصل إللي عمرنا ما تخيلناه ولا توقعناه 
العربية إللي كنا مسافرين بيها والسواق إللي كان بيوصلنا للمطار وإللي كان عن طريق الست عفاف لقيناه بيروح بينا على مكان مقطوع واتفاجئنا إننا مخطوفين ولقينا زي ما يكون عصابة كدا مقبلاه واستفردوا بينا وسرقوا فلوسنا وبهدلوني أنا ونرجس ووقفت عاجز إن أحمي مراتي حسبي الله ونعم الوكيل يارب ربنا ينتقم من كل ظالم 
بس إللي كسرنا لما سمعونا صوت صړيخ بنتي وصوت رصاص من بعده انقطع صوتها وقالولي إن بنتكم كمان انتهت معاكم وإننا كدا كدا ملناش حد ومفيش حد هيسأل عليكم فحبينا نريحكم ونريح بنتكم وإحنا أولى بالفلوس 
دمرونا علشان الفلوس إللي مش عارف هما عرفوا بيها إزاي 
كان يامن يقف خلف جدته يستمع إلى إنعدام الرحمة والإنسانية والدين لدى من فعلوا ذلك وبالكاد احتجز دموعه وهو يرى القهر المرتسم على وجه هذا الرجل والدموع التي أغرقت وجهه بسنوات عمره لم يرى هذا الترتيب الرباني واستجابة الدعاء مثلما رأى اليوم فهو حقا لا يمتلك هذا اليقين والثقة 
فلقد ساقه الله وساق يعقوب وساق لبيبة ورفقة ذاتها لتجتمع الأم ذات القلب المكلوم والأب ذا الروح النازفة بابنتهم التي يعتقدون مۏتها 
وذلك إستجابة لنداء ورجاء مشبع بالرضا واليقين وحسن الظن صرخوا به إلى رب وملك السموات والأرض جاءت إجابته بترتيبات بها من الرحمة والرعاية أطنان قد أعادت جميع الموازين لوضعها الصحيح واعتدل بها مسار الطريق والحكاية 
ابتلعت نرجس ريقها ومسحت وجهها ثم التقطت خيط الكلمات من زوجها لتكمل نسج الحكاية 
ساعتها أسودت الدنيا في عينا ودخلنا في حالة من الصدمة وفقدان الواقع أنا دخلت في غيبوبة معرفش لمدة كام شهر ويحيى حالته مكانتش أحسن مني 
بس رحمة ربنا كانت كبيرة لما سابونا مرميين على الطريق وأخدوا مننا بطايقنا بس هما نسوا سلسلة كانت في رقبتي كان يحيى جايبها ليا في جوازنا قلب نص مكتوب جواه يحيى والتاني مكتوب فيه اسمي نرجس وإلا مكانش حد عرف اسمنا لأننا كان مغيبين عن الواقع والصدمة خليتنا نفقد جزء من الذاكرة بس أنا إللي اتأثرت زيادة بالموضوع ده 
وكان في ناس لقيتنا على الطريق ونقلونا لدار رعاية لما معرفوش عننا حاجة 
هناك عشنا عايشين ومش عايشن كنت زي إللي مش حاسة بأي حاجة حوليا زي المېتة وربنا يشهد صاحبة دار الرعاية والناس إللي شغالة فيها كانوا ناس لطيفة قد أيه ربنا يجازيهم خير يارب على إللي عملوه لغاية ما اتكفل بينا شاب اسمه يعقوب ربنا يجبر بخاطره وينجيه في كل خطوة في حياتي ويسعده ويحققله كل إللي بيتمناه ويجعل الخير إللي عمله معانا سفينة نجاة من كل سوء اتكفل بينا والإهتمام بينا زاد دكاتره ولبس على أعلى مستوى غير إن كان بيجي يقضي معانا وقت ويكلمنا ويحكلنا ورغم إننا مكوناش بنتفاعل معاه ولا حتى بنرد عليه لكن كنت بسمعه بقلبي وكنت بحبه أووي ومعتبراه زي ابني بس كان بيبقى ڠصب عني 
ويمكن بسببه اتحسنت حالتنا 
لغاية ما جه يوم يشوفنا بس قبل ما يمشى صړخ باسم رفقة ساعتها وكأن كان شريط ذاكرتي ضايع وفي ثواني حسيت بكل حاجة قدامي كأن كانت حاجة تايهة مني ولقيتها وفعلا كانت هي رفقة إللي تايهة مني ورجعت لعقلي بس هي كانت في قلبي مخرجتش منه 
ساعتها حسيتها إشارة من رب العالمين لنا وهربنا من الدار وقولنا لازم نلاقي رفقة بس مقدرناش نوصل لبيت أخويا عاطف 
لسه تركيزنا وكل الذكريات الخاصة بالعناوين والأرقام والكلام ده كله مفقود لغاية ما الأستاذ ده خبطنا بعربيته وإحنا بنعدي الطريق وجينا على هنا 
في قريرة نفس لبيبة تعلم من المچرمة المتسببة في كل ما حدث وتيقنت أنهم هم والدي رفقة لكنها قالت بثبات 
طب أنا مسؤول مني أوصلكم ببنتكم والمطلوب منكم تكونوا بخير علشان لما ترجعلكم ميبقاش في أي عقبات وتقدروا تعيشوا مع بعض 
وجهت حديثها لنرجس 
أنت لازم تعملي العملية وترجعي أحسن من الأول وتقعدوا فترة نقاهة والأفضل نفسيتكم تتحسن 
ومن غير إعتراض ودا وعد مني إن في أقرب وقت بنتكم هتدخل عليكم من الباب ده 
ارتعش جسد نرجس وهمست بدون تصديق 
أنا مش عارفة هنرد معروفك ده إزاي إنت في كل ضيقه ربنا بيبعتك لنا دي مش أول مرة تنجدينا أنا مش هنسى وقفتك جمبنا دي يا مدام لبيبة ربنا يجعلك دايما سابقة للخير 
قال يحيى بأنفة وترفع 
دا دين في رقبتنا يا مدام لبيبة أول ما نخرج من هنا وأمورنا تتحسن هنردلك دينك إنت كتر خيرك 
واتجهت أنظاره نحو يامن وقال 
وإنت يا ابني ربنا يسهلك طريقك إحنا مسامحينك وبردوه في غلط علينا 
ردد يامن بمرح تجاوز به صډمته بجدته 
أنا على فكرا أبقى حفيدها 
قال يحيى بترحاب 
يا محاسن الصدف ويا مليون أهلا وسهلا بيك يا ابني 
بعدما خرجا لم يتمهل يامن وأردف بلهفة 
إزاي إزاي إنت مش قولتلهم على بنتهم وإنها في الدور إللي فوقيهم!!
أوعي تكوني هتمنعي لقاءهم 
اكتفت بالصمت ولم تجيب وصعدت للأعلى لتجد أن الحال مازال كما هو 
رفقة تجلس بجانب يعقوب لتقف تشهدها وهي تصلي بجانبه وأخذت تدعو الله بإلحاج ورجاء ووجها يقطر دموعها 
ثم جلست بجانبه ممسكة المصحف وأخذت تتلو من كتاب الله وهي ممسكة بيده بينما تبتسم بثقة وأعينها تقطر عشقا 
وقفت فاتن بجانب زوجها تنظر نحو يعقوب من الداخل ابتمست فاتن من بين دموعها وقالت بيقين 
يعقوب هيفوق يا حسين أنا واثقة من كدا عندي يقين بالله كبير وكمان رفقة جمبه مش هتسيبه 
وافقها حسين بلهفة وردد بثقة 
هيرجع هيرجع يا أم يعقوب وهعوضه عن كل إللي فات 
انسحبت لبيبة من بينهم بصمت حتى وصلت لشرفة منعزلة وقفت تنظر للفراغ بصمت وأعين رغم برودها إلا أنها باهتة قد خفت واختفى منها حب الحياة 
هي الملامة كدائما أصابع الإتهام نحوها كما كانت أصابع السخرية قديما 
أخرجت دفتر مصفر اللون تلمسته برقة بيدها التي غزتها التجاعيد لتهاجمها ذكريات امتقع لها وجهها بالألم وابتلعت غصة مريرة وهي تتنفس بتكرار كي لا ټنهار وتسقط 
أصوات تدور برأسها أصوات ضحكات صاخبة ساخرة
مرددة بجميع الكلمات
تم نسخ الرابط