فلبي متكبر بقلم سارة نيل

موقع أيام نيوز

قبل أن يدلف للداخل لكن بمجرد أن وطأت قديمه الغرفة حتى توقف متسمرا ينظر إلى تلك التي بالنسبة له الفتنة بحد ذاتها 
كانت رفقة تقف مرتديه فستان قطني باللون الأبيض المنقوش بورود صفراء يصل إلى قبل الكعب بقليل وتصل أكمامه لمنتصف ساعديها بينما خصلاتها التي التمعت أعين يعقوب بشغف فور رؤيته لشلال العسل هذا الذي يماثل عينيها خصلات عسلية متوسطة الطول ناعمة رغم وجود بعض التجاعيد اللطيفة بها والتي زادته بهاءا 
كانت رفقة جميلة بجمال أخلاقها وبساطتها وقد انطبع صفاء قلبها وروحها وحسن أخلاقها على ملامح وجهها فجعلتها فاتنة برقتها وبراءتها الغير مصطنعة فجمال الروح الذي ينطبع فوق الملامح لا يضاهيه أي جمال 
اقترب يعقوب حتى صار أمامها ابتلع ريقه وهو يحملق بها بعاطفة مچنونة ليهمس بصوت مجعد 
إنت جميلة أووي يا رفقة تاخدي العقل والقلب والروح 
توسعت أعين رفقة من تلك الجراءة وارتفع توترها وخجلها لتقبض على فستانها وهي تخفض رأسها نعم هي لا ترى نظراته التي تخترقها لكنها تشعر بها فتجعل بدنها يرتجف كورقة شجر مسكينة أسفل صيب عظيم 
رفعت أعينها اللامعة فهمس يعقوب بوجدان دون أن يتجمجم 
لو بات سهم من الأعداء في كبدي 
ما نال مني ما نالته عيناك 
إنبثقت بسمة مرتعشة فوق فم رفقة رغم أن قلبها يسبح في فضاء السعادة من كلماته التي عزفت الألحان على أوتار قلبها المستجد في تلك الأمور 
قالت لتغير مجرى الحديث 
أنا سمعت جرس الباب في حاجة !
أفاق يعقوب من وخمته فقد كان يشعر بأنه بجنات ألفافا بينما حشد من الطيور بقلبه تتلو خطب الحب 
قبض على كفها يحتضنه بكفه الدافئ وقال بهدوء 
عندنا ضيوف برا 
وسحبها برفق للخروج لتتسائل هي بفضول 
ضيوف مين!!
كان قد دلفوا لغرفة الإستقبال وجاء ليخبرها بمن يكونوا لكن سارعت والدة يعقوب التي انتصبت واقفة فور أن لمحت رفقة واقتربت تستقبلها بانبهار وهي ترى كيف ولدها يتشبث بيدها 
وقالت بسعادة بينما طبقة رقيقة من الدموع تطفوا فوق عينيها لأجل تلك السعادة التي على وجه يعقوب 
ما شاء الله تبارك الرحمن أجمل من الصورة بمراحل يا يعقوب 
أنا فاتن أم يعقوب يا حبيبتي وكمان موجود حسين أبو يعقوب 
وجذبتها فاتن بأحضانها بحنان وهي تقول بصدق 
مبروك يا بنتي ربنا يسعدك ويفرح
قلبك وأشوفك إنت ويعقوب دايما فرحانين 
ابتسمت رفقة وهي تبادلها العناق وتستشعر حنان تلك السيدة ولينها عكس جدة يعقوب الصلبة 
أردفت رفقة بطيبة وترحاب 
الله يبارك فيك يا طنط مبسوطة أووي إن قابلت حضرتك 
جذبتها فاتن نحو الأريكة وجلستا لتردف بعدها بحماس 
لأ طنط أيه بقاا يا حلو إنت اسمها ماما 
قالتها وهي ترمق يعقوب المتذمر وواصلت تقول بحذر 
دا لو مش عندك إعتراض طبعا يا حلو إنت 
نفت رفقة برأسها مردفة بود 
أكيد طبعا يا ماما دا شيء يشرفني 
ردد حسين قائلا بحنان 
ألف مبروك يا بنتي ربنا يجعل أيامكم كلها سعادة وهنا 
قالت رفقة بإبتسامة واسعة وقد غمرت الراحة قلبها لطيبة والدي يعقوب اللذان عكس جدته تماما 
الله يبارك فيك يا عمو والله إنتوا نورتوا ومبسوطة إن اتعرفت عليكم 
قال حسين باعتراض مرح 
يعني هتقولي لأم يعقوب ماما وأنا من المغضوب عليهم لأ أنا زعلان يا ست البنات 
ابتسمت رفقة وهتفت 
بعيد الشړ طبعا يا بابا 
كان يعقوب يجلس مستمع فقط وهو يرى الحنان المتدفق من والديه ليتسائل أين كان هذا الحنان وهم يتركونه وحيدا برفقة جدته القاسېة كل تلك السنوات غير آبهين بوضعه ظل ملتزم الصمت بينما يرمقهم بتعجب وسخرية لاذعة وعتاب يوجعهم ويذكرهم بأخطاءهم وسهوهم 
تسائلت والدة يعقوب وهي تربت على يد رفقة 
ويا ترى بقى اسم الحلو أيه 
أجابتها رفقة 
اسمي رفقة 
يا ما شاء الله حتى الاسم مميز يا حسين 
همست رفقة بخجل 
شكرا يا ماما فاتن تسلميلي 
واندمجوا في الحديث فيما بينهم والذي لم يشارك به يعقوب ولو بحرف واحد ممت أثار تعجب رفقة من هذا الوضع حتى أنها ظنت أن يعقوب غادر المكان فأسرعت تتحسس المكان بجانبها بريبة فاصتدمت يدها بقدم يعقوب واحتواها هو بداخل كفه وهو يهمس لها بحنان 
أنا هنا يا حبيبي 
خفق قلبها پجنون وتمنت أن لو تنشق الأرض وتبتلعها وثوت بمكانها ولم تقوى أن تنطق ببنت شفة 
ابتسمت فاتن بمكر تغمز لزوجها ثم استقامت تقول بخبث 
يلا بينا يا حسين كدا كفاية هما بردوه عرسان جداد 
جف حلق رفقة وتوسعت أعينها پصدمة لتدمع أعينها من هذا الخجل وأسرعت تسحب كفها من كف يعقوب وهي تبادر بالوقوف قائلة بتوتر وهي تهرع للهروب من الأرجاء شاعرة بأنفاسها تضيق 
عطشانة هشرب يعني وبردوا هجيب حاجة تشربوها أنا آسفه أخدنا الكلام ومأخدتش بالي 
وتحركت بعشوائية لتكاد أن تصتدم بحافة المنضدة الحادة فسارع يعقوب يجذبها وهو يصيح بلهفة 
رفقة حاسبي 
جذبها يعقوب إليه ليشحب لونها متسائلة بقلق 
في أيه 
قائلا بعتاب 
كنت هتتخبطي يا رفقة ينفع كدا 
قال والد يعقوب وهو يتحرك بصحبة زوجته نحو الباب 
عادي يا بنتي مفيش مشكلة مرة تانية إن شاء الله وإحنا بإذن الله هنكرر الزيارة 
ابتسمت رفقة بهدوء وقالت بتلقائية 
دا بيتكم في أي وقت تشرفوا وتنورونا 
أقبلت نحوها فاتن تقبلها وتعانقها قائلة 
مع السلامة يا رفقة مبسوطة إن اتعرفت عليك 
بادلتها رفقة العناق وودعتها وابتعدت قليلا فاقتربت فاتن من يعقوب وجاءت تمسد على يده فابتعد عن مرماها ليعلو الحزن وجهها وقالت 
خد بالك من رفقة وحافظ عليها بالحنية والحب 
ابتسم يعقوب بسخرية وأردف من بين أسنانه بتهكم 
إنت بالذات متتكلميش عن الحنية يا فاتن هانم لأنها بريئة منك وإنت متعرفيش لها طريق 
فإياك تتكلمي عنها تاني 
استمعت رفقة لحديث يعقوب بتعجب لتفزع فور أن سمعت صياح والد يعقوب المحذر پغضب 
يعقوب !
وأكمل حسين بتحذير 
إياك تتكلم مع أمك بالطريقة دي تاني مهما كان السبب 
هدر يعقوب باستهزاء 
حسين باشا إللي زي متعتبش عليه 
دي تربية لبيبة هانم أمك العزيزة معلش بقاا يا باشا أهلي مكانوش معايا أو بالأصح مكانوش فاضيين يربوني 
لم يستطع حسين الرد وهتف پغضب 
يلا يا فاتن من هنا 
وخرجوا تاركين يعقوب المشتعل بالڠضب خلفهم وقلبه ېتمزق ألما بينما رفقة فتيقنت أن هناك الكثير بينهم والكثير مما تجهله عن يعقوب 
كانت تستمع إلى أنفاسه العالية المسفوكة والتي تنم عن غضبه وألمه لتشعر بالألم يضحن قلبها من أجله 
همست برقة وهي تتحسس طريقها إليه 
أوب 
ذهب غضبه أدارج الرياح مع همسها الرقيق واستدار ليذهب إليها يحوي كفيها وهمس بحنان 
نور عينه 
قالت بشفافية تسأله بقلق 
مالك في أيه أنا سمعت ڠصب عني الكلام مش كنت أقصد والله أنا عارفة إن مش من حق 
قاطعها وهو يسحبها نحو الأريكة بلطف وأجلسها ثم تمدد وهو يضع رأسه فوق قدمها منتنهدا تنهيدة ثقيلة تفاجأت رفقة وشعرت بالخجل لكن شعرت بحزنه وهو يغمغم بينما يتنفس بعمق 
كل حاجة تخص يعقوب حقك يا رفقة حتى يعقوب نفسه حقك إنت وبس 
خفق قلب رفقة لتسمعه يكمل بنبرة مصبوغة بالۏجع 
هعرفك على يعقوب وكل حاجة مر بيها 
بدأ يسرد لها القصة منذ الطفولة وما مر به من ألآم ترك والديه له مع جدته قوانين لبيبة بدران الصارمة كل الأشياء الطفولية التي حرم منها هذا لا يجوز هذا لا يصح أن يقع من حفيد آل بدران البكري حتى وإن كان طفل 
هذا غير مباح لا يسمح له أن يفعل هذا 
جميع القيود التي عاش أسيرا لها حتى أحلامه التي حرم منها لمجرد أن هذا ما تريده لبيبة بدران فقط 
الحنان الذي حرم من مذاقه حتى الآن 
ليخلق كل هذا بداخله التمرد ورفض كل ما لا يريده 
ختم بقوله النازف 
تعرفي كان ساعتها أقصى أمنياتي أيه فاتن تيجي تحضني وتقعد جمبي تحكيلي الحكاية لغاية ما أنام كنت بفضل فاتح عيني في الضلمة ومش جايلي نوم بس لازم أكون على السرير في الميعاد ده ومش أخالف القوانين 
لما بيجوا يصحوني من النوم كان بيبقى نفسي أنام بس ولو عشر دقايق كمان بس كان لازم أقوم في الميعاد ده أصل دي القوانين 
مينفعش ټعيط علشان إنت مش ضعيف مفيش حاجة اسمها ألعب ولا ألعاب دا كلام فاضي ومضيعة للوقت لازم تروح درس السباحة بس طبعا لواحدي مش مسموح بوجود أي طفل تاني علشان مختلطش معاه ركوب الخيل علشان دي سمة لأفراد بدران إللي بيجري في عروقهم عسل 
إنت يعقوب بدران ولازم تتصرف على الأساس ده 
لغاية ما كبر يعقوب وحيد منبوذ علشان هو متكبر من عيلة رافعة راسهم في السما 
أصل سواق بيجيبه وسواق بيوديه من على باب المدرسة لباب البيت ودا علشان ميختلطش بحد 
ودروسه كلها في البيت لواحده 
كان يعقوب قدام المجتمع الشخص المتكبر المغرور وهو كان جواه لو حد أخده بالحضن هينفجر في العياط وكتير وكتير 
بس هي دي حكاية يعقوب المتكبر 
كانت رفقة تستمع إليه بقلب ېتمزق وهي لا تصدق ما تسمع كم هذه القيود لطفل في الخامسة حرم من أقل حق له !
غرق وجهها بالدموع ورفعت أصابعها تمسد رأسه الموضوع فوق فخذها وتتحسس شعره بحنان جارف ليغمض يعقوب عينيه بتأثر ليسمعها تقول بشهقات مكتومة 
حقك عليا حقك على قلب رفقة 
سحب يدها وأخذ يقبل باطن كفها وهمس 
دا إنتهى يا رفقة أنا اتحررت من قيود لبيبة بدران وبنيت حلمي وشغفي وبقى عندي سلسلة مطاعم البوب بعيدة عن اسم بدران نهائي 
كمان كل الۏجع إنتهي بوجود رفقة 
رفقة خلاص بقت موجودة وهي عوضي عن كل حاجة 
ارتعش شفتي رفقة من درجة الصدق في حديثه وشعرت بقلبها يرف محلقا وعشق يعقوب يتأصل بقلبها للجذور وتمنو غصون وارفة الظلال 
حاجة بنفسها جعلتها تسير بأصابعها بتروي على ملامح وجهه لتراه بطريقتها 
تحسست لحيته جبينه أنفه عيناه 
وتركها يعقوب وهو مستمتع بفعلتها ليتسائل بمرح 
هاا حلو ولا 
ابتسمت بخجل قائلة بمراوغة 
لأ مش حلو 
رفع أعينه يرمقها پصدمة لتكمل هي بلطف 
وسيم 
ضحك برضى وأردف بمرح 
إذا كان كدا مقبولة 
تنحنحت رفقة وقالت بجدية ممزوجة بالترفق 
أوب كنت عايزاك تسمعني 
حقك تزعل من والدك ووالدتك وأنا عذراك ومقدرة إنك مجروح منهم 
بس عايزه أقولك على حاجة دول أبوك وأمك وواجب عليك برهم والإحسان إليهم حتى لو كانوا مش مسلمين ودا إللي دينا أمرنا بيه وإللي رسولنا الكريم وصانا بيه يا يعقوب 
اسمعهم وأعطي لقلبك فرصة للمسامحة ومتقفلش عليه عارفة إنها صعبة وإن دي النفس الإنسانية وحاجة بتبقى خارجة عن إرادتنا 
بس الدين والإيمان لما بيسكنوا القلب مش بيخلوا مكان للحقد والضغينة وبيساعدنا نتخطى متفكرش في إللي فات فكر في إنك تعوض كل إللي فات وافتكر إنك واجب عليك برهم مهما عملوا وعايزاك تعرف إنك بكدا هتبقى من المحسنين إللي ربنا بيحبهم ودا إللي ربنا قاله 
والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين
أنا حاسه بيك وعارفة إنها مش هتحصل مرة واحدة بس جرب وأنا معاك 
رغم حزنه وألمه لكن ثمة راحة عجيبة انبثت لقلبه من حديثها الرقراق 
حقا هي نعمة من الله له هي الجزاء لصبره هي العوض لحرمانه هي الجبر لقلبه 
اعتدل ثم اقترب منها طابعا قبلة طويلة فوق جبينها وهمس
تم نسخ الرابط